مؤسس قطر.. القائد الذي أرسى دعائم الوحدة الوطنية
يُعد الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، مؤسس دولة قطر، شخصية تاريخية فذة جمعت بين القيادة العسكرية والحكمة السياسية والفكر المستنير، حيث أرسى دعائم الوحدة الوطنية التي ما زالت تُشكل حجر الأساس في بناء المجتمع القطري المتماسك.
وُلد الشيخ جاسم بن محمد في حدود عام 1242هـ/1827م بمنطقة "فويرط" شمال شرقي قطر، حيث نشأ وتعلم القرآن وعلومه والفقه الإسلامي، إلى جانب فنون الفروسية والصيد التي اشتهر بها.
تولى الشيخ جاسم مقاليد الحكم رسميا يوم 18 ديسمبر 1878، بعدما كان يدير شؤون البلاد إلى جانب والده منذ عام 1876، ليبدأ مرحلة جديدة من تاريخ قطر الحديث، الذي يُعتبر هذا التاريخ اليوم الوطني الذي تحتفل به الدولة سنويا.
وقد ركز المؤسس على 3 مسارات رئيسية لبناء الدولة، أولها توحيد أهل قطر وزرع روح التآلف بينهم، وثانيها الاهتمام بالتعليم وإنشاء الكتاتيب وجلب الفقهاء وإعمار المساجد، وثالثها تطوير الموانئ البحرية وبناء السفن حتى أصبحت قطر من أكبر مصادر اللؤلؤ في المنطقة.
وصف الزركلي في كتابه "الأعلام" الشيخ جاسم بالشجاعة والفصاحة والحزم والعلم، بينما قال عنه الشيخ محمود شكري الألوسي في "تاريخ نجد": "وهو من خيار العرب الكرام، مواظب على طاعاته مداوم على عبادته وصلواته، من أهل الفضل والمعرفة بالدين المبين".
لم يكن الشيخ جاسم قائدا عسكريا فحسب، بل كان أيضا شاعراً مفوها، ومن أشهر أبياته قصيدة "كعبة المضيوم" التي يقول فيها: "حن كعبة المضيوم إلى ما وزابنا نجيره ولا نرضى بغير رضاه، لنا هضبة يا من بها من نجيره على الرغم من ضده ومن عاداه".
ويستذكر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، هذه العبارة الخالدة بقوله: "ستبقى قطر كعبة المضيوم"، مؤكدا استمرار نهج المؤسس في نصرة المظلومين، وأن "وحدتنا الوطنية هي مصدر قوتنا" مشيرا إلى أن "كلنا في قطر أهل".
توفي الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني ليلة الجمعة 13 شعبان 1331هـ الموافق 17 يوليو 1913م، تاركا إرثا سياسيا وثقافيا وإنسانيا لا يزال حاضرا في وجدان القطريين حتى اليوم، ويتجلى في التماسك المجتمعي والنهضة الشاملة التي تشهدها البلاد.