سمو الأمير.. صوت وقلب لم يخذل السوريين
حين تُطوى الملفات وتُهمل القضايا الكبرى على طاولات السياسة الدولية، وتتحول آلام الشعوب إلى مجرد أرقام في تقارير باهتة، ماذا يتبقى؟ يتبقى صوتٌ واحد، يختار أن يظل صادحا بالحق، حتى لو بدا أنه يغرد وحيدا في سماءٍ ملبدة بالصمت.
على مدى سنوات، وفيما كانت المتغيرات الإقليمية تبدّل المواقف والتحالفات، بقيت بوصلة دولة قطر ثابتة تجاه قضية واحدة، لم تحد عن مسارها قيد أنملة، صوت انحاز لإرادة الشعب السوري منذ اليوم الأول، مذكّرا العالم بمأساة لم يكن يجوز التسليم بها كأنها قدر محتوم.
قصة نسجتها كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد أمير البلاد المفدى عبر 10 سنوات متتالية من خطاباته الأممية.
موقف ثابت بدأ بدعوة "للتعاون من أجل فرض حل سياسي ينهي عهد الاستبداد"، ووصل إلى تذكير العالم بأن "الموت بالجملة في السجون تحت التعذيب" له "عواقب وخيمة على الأوضاع في سوريا والإقليم".
ففي وقت سعى فيه البعض لطي صفحة الآلام، كان ذلك الصوت يرتفع منددا بـ "الموت بالجملة في السجون تحت التعذيب"، ومحذرا من عواقب إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب، ومستعيدا هتاف الأحرار "الشعب السوري واحد" في وجه شعار "الأسد أو نحرق البلد".
هنا، من على منبر الأمم المتحدة الأعلى، ننسج قصة هذا الموقف الثابت، قصة بدأت فصولها حين كانت الأزمة في أوجها، وصولا إلى خطاب سمو الأمير الأخير في الدورة الثمانين للجمعية العامة الذي أكد فيه ألا سبيل لإنهاء هذه الأزمة إلا بالحل السياسي.
فكيف يمكن لصوت أن يحافظ على ثباته كل هذه السنوات بينما العالم يتغير؟ وكيف تحولت لغة الخطاب من التحذير والإنذار إلى الأمل في مستقبل يشهد عودة المهجرين وإعادة البناء؟
إنها قصة مبدأ لم يتغير، وإيمان بحق شعب في الحياة الكريمة والأمن والعدالة، رحلة طويلة من الصمود على منبر دولي، توجت الأمل باندحار الإرهاب وسقوط النظام، لتشرق شمس سوريا حرة من جديد.