نحو صفر نفايات بمشروع عملاق
قد تبدو مبادرة فردية برمي عبوة بلاستيكية في حاوية إعادة التدوير لفتة بسيطة، لكنها في الواقع جزء صغير من رؤية وطنية كبرى لمستقبل مستدام، فخلف هذا المشهد اليومي، تقف دولة قطر باستثمار ضخم يهدف إلى تحويل إدارة المخلفات بالكامل، وصولا إلى هدف "صفر نفايات".
فقد أطلقت وزارة البلدية "البرنامج الوطني المتكامل لإدارة النفايات الصلبة"، وهو خطة استراتيجية طموحة ترسم ملامح مستقبل بيئي أكثر نظافة واستدامة في البلاد.
وتأتي هذه الخطوة استجابة للنمو السكاني والعمراني الذي تشهده دولة قطر، وبهدف الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، وتبلغ الميزانية التقديرية لهذا البرنامج 14.4 مليار ريال، وهو رقم يعكس حجم التوجه الجاد نحو تأسيس بنية تحتية حديثة لإدارة النفايات.
ويشمل البرنامج إنشاء وتشغيل منظومة متكاملة من المرافق المتطورة التي ستغير وجه التعامل مع النفايات في الدولة جذريا، وتتضمن هذه المنظومة مراكز حديثة لاستقبال النفايات المنزلية، ومطمرا صحيا جديدا في منطقة مسيعيد تم تصميمه وفق أعلى المعايير البيئية.
كما يشمل البرنامج وحدات متخصصة لفرز واسترجاع المواد القابلة لإعادة التدوير، مما يساهم في تحويلها من عبء بيئي إلى موارد قيمة تدعم الاقتصاد الوطني.
ويعد أبرز مكونات هذا المشروع العملاق، المركز المتطور لتحويل النفايات إلى طاقة، الذي يجسد قمة الابتكار في هذا المجال، ويعمل هذا المركز على تقليل كمية النفايات المرسلة إلى المكبات بشكل هائل، عبر تحويلها إلى طاقة كهربائية تغذي الشبكة الوطنية.
وتكتمل الصورة بإعلان وزارة البلدية عن إغلاق وإعادة تأهيل المطامر القديمة في كل من مسيعيد وأم الأفاعي، وهي خطوة حاسمة لحماية البيئة وتعزيز الاستدامة.
ويمثل هذا التحول نقلة نوعية تضع دولة قطر في مصاف الدول الرائدة عالميا في الإدارة المستدامة للنفايات، وتؤكد التزامها الراسخ بتحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.