
تتواصل اليوم الأحد فعاليات المؤتمر الدولي للاستشراق الذي انطلق أمس في العاصمة القطرية الدوحة تحت شعار "نحو تواصل حضاري متوازن"، بمشاركة أكثر من 300 باحث ومفكر من 50 دولة حول العالم، في مبادرة هي الأولى من نوعها في العالم العربي والإسلامي.
وأكدت سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، وزير التربية والتعليم والتعليم العالي ورئيسة المؤتمر، في كلمتها الافتتاحية أهمية توسيع مفهوم الشرق والاستشراق وعدم اختزالهما في العرب والإسلام ومنطقة الشرق الأوسط.
وأشارت في كلمتاه إلى أن "لحظة ولادة فكرة المؤتمر كانت عام 2021، عندما اجتاحت أوروبا والدول ذات الأغلبية المسلمة موجةٌ من الأحداث والاحتجاجات تمحورت حول الإساءة إلى الرموز الدينية الإسلامية".
خلق مساحة آمنة
ودعت الخاطر في كلمتها إلى "خلق مساحة آمنة لنقاشات فكرية عميقة وجادّة بلا حساسيات"، مؤكدة ضرورة "الانعتاق من الحالة السجالية العدمية بين الشرق والغرب بوصفها حربا"، وكذلك تجاوز طروحات المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد حول الاستشراق والبناء عليها.
وأوضحت الوزيرة أن الشرق لم يعد مجرد موضوع للدراسة، بل "صار الباحثون الشرقيون أنفسهم يمارسون تفكيرا نقديا تجاه الحضارات الأخرى"، في إطار ما بات يُعرف بـ"الاستغراب"، وهو ما يعكس تطورا مهما في العلاقات الثقافية بين الشرق والغرب.
ويشهد المؤتمر، الذي يُقام في "مشيرب"، جلسات متخصصة ومكثفة في يومه الثاني والأخير لمناقشة مختلف أبعاد وقضايا الاستشراق الجديد، بمشاركة نخبة من الباحثين والمستشرقين من آسيا وأوراسيا وروسيا وغيرها.
نقطة تحول متجاوزة
وتُعد هذه المبادرة القطرية، التي تنظمها وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي ومركز مناظرات قطر بالتعاون مع جهات محلية ودولية، نقطة تحول في مسار الدراسات الاستشراقية، متجاوزة الأطر التقليدية نحو رؤية عصرية تؤسس لحوار حضاري عميق بين مختلف الثقافات والحضارات.
ومن أبرز المشاركين في المؤتمر المؤرخ يوجين روغان، صاحب الكتابين الشهيرين "العرب" و"سقوط العثمانيين"، والذي عُرف باستنطاقه أصوات العرب والعثمانيين بعيدا عن المركزية الأوروبية.
كما يشارك في المؤتمر شخصيات أكاديمية بارزة أخرى مثل الدكتور باولو براكا من إيطاليا، والدكتور خوسيه بويتا من إسبانيا، والدكتور ديمتري ميكولسكي من روسيا، والدكتور جورج غريغوري من رومانيا، والدكتور سعيد مايلزي من الصين.
ويشارك في فعاليات المؤتمر مؤسسات أكاديمية مرموقة مثل جامعة قطر وجامعة حمد بن خليفة ومعهد الدوحة للدراسات العليا، إضافة إلى مؤسسات دولية كجامعة لايدن الهولندية ومعهد الدراسات المتقدمة في سراييفو وجامعة داغستان الحكومية، وهو ما يعزز مكانة دولة قطر كمركز ثقافي وفكري عالمي.